اخبار الامارات

القوات الأميركية معرضة للخطر بشكل كبير في الشرق الأوسط

قُتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأميركية بالقرب من الحدود السورية في شمال شرق الأردن بطائرة بدون طيار تابعة لميليشيا متحالفة مع إيران، خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتتواجد القوات الأميركية في المنطقة لدعم الحملة المستمرة ضد تنظيم «داعش»، ولمراقبة النشاط الإيراني على طول الممر البري بين العراق وسورية ولبنان. ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، فإن تكرار الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة من قبل الميليشيات المتحالفة مع إيران يعرض الجنود الأميركيين لخطر أكبر مما واجهوه من قبل. ومع الإبلاغ عن أكثر من 100 هجوم منذ بداية الحرب في غزة، فقد حان الوقت للتساؤل عما إذا كانت مخاطر الحفاظ على هذه المواقع تفوق فوائدها المتبقية.

بعد الحادث الأخير ظهرت مطالب جديدة لمواجهة إيران بهدف استعادة الردع وإظهار القوة، وقد تجد واشنطن نفسها منجذبة إلى صراع يمكن تجنبه ضد خصم انتهازي. إن إبقاء القوات منتشرة لا يؤدي إلى تعزيز أمن الولايات المتحدة، بل يعرضها لخطر أكبر.

وفي واشنطن كان هناك استعداد للتقليل من المخاطر التي يتعرض لها الجنود الأميركيون في العراق وسورية. والهجوم الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي على قاعدة في شمال الأردن تستخدم لدعم العمليات في سورية، يجب أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ. وصحيح أن معظم الاعتداءات تهدف إلى إثارة الجدل وليس قتل الأميركيين، لكن بالنظر إلى طبيعة الأسلحة من قذائف الهاون إلى الطائرات بدون طيار ذات التعقيد المتفاوت، التي يتم إطلاقها على القوات وتفاوت كفاءة أولئك الذين يطلقونها؛ فإن هذه الميليشيات لا يمكنها التأكد من أن هجماتها لن تتسبب في وقوع خسائر تتجاوز عتبة التصعيد، وقد تسببت هذه الهجمات بالفعل في إصابة العديد من أفراد الخدمة الأميركية بإصابات خطيرة، وأودت بحياة مقاول أميركي، كما تسببت في إصابة ستة أفراد أميركيين آخرين منتشرين في سورية في مارس من العام الماضي.

إشارة إلى الخصم

يوضح هذا الوضع الهش المشكلة الأوسع نطاقاً المتمثلة في القوات المنتشرة على الخطوط الأمامية، وبالتقدم للأمام تقترب القوات من أراضي الخصم، وتصبح أكثر عرضة للهجوم، وفي بعض الحالات بالطبع يتم كشف القوات عمداً بهذه الطريقة وبأعداد صغيرة نسبياً كأسلاك تعثر. وفي العراق ليس هذا هو هدفهم بالتأكيد، لكن قواتنا المنتشرة في الأمام قد تعمل مع ذلك كما لو كانت بمثابة «أسلاك تعثر».

والغرض من أسلاك التعثر في الفكر الاستراتيجي هو الردع: إرسال إشارة إلى الخصم بأنه إذا قام بالغزو فمن المؤكد أنه سيقتل. ولكن القوات الأميركية في العراق وسورية ليس المقصود منها خدمة هذا الغرض.

فلماذا هم هناك؟ لايزالون يشكلون عامل تمكين حاسم لقوات الأمن العراقية، ويتم نشر نحو 2500 جندي أميركي في العراق. وفي عام 2022 نفذت القيادة المركزية الأميركية بالتعاون الوثيق مع القوات المحلية 313 عملية ضد تنظيم «داعش»، ما أدى إلى القضاء على 466 مقاتلاً في سورية، وما لا يقل عن 220 في العراق، واستمر تدهور التنظيم في عام 2023 بمساعدة مستشارين عسكريين أميركيين.

ويتواجد الجيش الأميركي في العراق كضيف بدعوة من الحكومة في بغداد، يعمل بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق لعام 2008، وتم التأكيد مجدداً على هذه الاتفاقية خلال الحوار الاستراتيجي الذي بدأته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وأبرمته إدارة الرئيس جو بايدن في يوليو 2021.

وعلى الرغم من التصريحات العلنية واسعة الانتشار الصادرة عن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والتي تشير إلى إعادة تقييم وجود القوات الأميركية وقرارات الإخلاء غير الملزمة من الأراضي العراقية، فإن الطلب الرسمي باستمرار تواجد القوات الأميركية في دور استشاري دون تحديد جدول زمني مازال مستمراً خلف الأبواب المغلقة.

تحذير أولي

ومع ذلك حتى قبل الهجوم الأخير في شمال الأردن، كانت دورة التصعيد قد بدأت بالفعل، وأدت غارة جوية أميركية في أوائل يناير في بغداد إلى مقتل مشتاق جواد كاظم الجواري، المعروف باسم «أبوالتقوى»، وهو قائد في حركة «النجباء»، إلى جانب شخص غير مصنف. ووقع القتل المستهدف وسط توتر العلاقات بين واشنطن وبغداد. واعتبره وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بمثابة تحذير أولي، حيث تناول بشكل مباشر هجمات كتائب حزب الله وحركة النجباء على القوات الأميركية في محادثة مع السوداني في ديسمبر 2023.

ولكن هذا التحذير ذهب أدراج الرياح، ما يسلط الضوء على سيطرة السوداني المحدودة على الميليشيات حتى لو كانت تلك الميليشيات توجه ألوية مسلحة تابعة له رسمياً، والولايات المتحدة لديها تأثير أقل على الأرض، وقد أظهرت الولايات المتحدة ضبط النفس لمدة ثلاثة أشهر مع تزايد الهجمات، واستهداف قادة الميليشيات الذين يطلقون الصواريخ على القوات الأميركية له منطق معين.

لا توجد طريقة مجدية لمساعدة العراق ضد تنظيم «داعش» واحتواء الميليشيات المتحالفة مع إيران دون موافقة وتعاون صريحين من الحكومة في بغداد، والأمر نفسه ينطبق على ما يقرب من 900 جندي أميركي في سورية، والذين يعتمدون على الدعم من الوجود العسكري الأميركي في العراق والدول المجاورة، ويأتي ذلك في وقت انتهى فيه عصر زيادة القوات والقتال الأميركي النشط. ومع انخفاض التهديد العالمي لتنظيم «داعش» بشكل كبير، انخفضت الهجمات بأكثر من النصف مقارنة بعام 2022.

إن الفائدة العملياتية التي تقدمها القوات الأميركية للشركاء العراقيين لا تستحق ببساطة المخاطرة بالتصعيد إذا تعرضت القوات الأميركية للخطر، وقد يزعم البعض أن الانسحاب من العراق عسكرياً سيفيد إيران ووكلاءها، وهم على حق.

ولكن من خلال وجود قوات أميركية يمكن استهدافها، تؤكد الولايات المتحدة عن غير قصد سبب وجود الميليشيات والوكلاء، في حين تعمل على إدامة خطر نشوب حرب غير مرغوب فيها مع إيران، ويجب على الولايات المتحدة أن تبدأ الاستعدادات لسحب غالبية قواتها من العراق من أجل حرمان الميليشيات من الأهداف وتقليل خطر قيام الميليشيات بإشعال حرب أكبر مع الولايات المتحدة من خلال استهداف الجنود الأميركيين بنجاح.

ستستغرق هذه العملية وقتاً، لكن تأخيرها لن يؤدي إلا إلى تفاقم مخاطر البقاء، ويجب أن يتم استبدال «عملية العزم الصلب» في المستقبل القريب بمجموعة مخفضة بشكل كبير من المستشارين والعملاء الخاصين، يتمركزون في مكتب التعاون الأمني في بغداد، ويمكن لمهمة محدودة تحت القيادة المركزية الأميركية أن تساعد في التدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية مع معظم وحدات النخبة في العراق، ولكن عملية الانسحاب يجب أن تبدأ، ويجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تمثيل دبلوماسي أميركي عادي في البلاد.

• الجيش الأميركي يتواجد في العراق بدعوة من بغداد، ويعمل بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008.

• 2500 جندي أميركي يتواجدون في العراق.

• كان هناك استعداد للتقليل من المخاطر التي يتعرض لها الجنود الأميركيون في العراق وسورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى