اخبار الامارات

اليمين الفرنسي المتطرف يريد صياغة القرار الأوروبي

اليمين الفرنسي المتطرف قادم إلى بروكسل، ومن المتوقع أن يحقق التجمع الوطني الفرنسي مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، وداخل حزب اليمينية مارين لوبان، يضع المسؤولون استراتيجيات حول كيفية تحقيق أقصى استفادة من قوتهم الجديدة.

ويحتل حزب التجمع الوطني حالياً المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي الفرنسية، ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها مجلة «بوليتيكو»، من المتوقع أن تفوز مجموعته البرلمانية «تحالف الهوية والديمقراطية» بـ87 مقعداً في انتخابات يونيو، أي أكثر بـ28 مقعداً مما لديها حالياً.

وهذا من شأنه أن يجعل تحالف الهوية ثالث أكبر مجموعة في البرلمان الأوروبي، خلف حزب الشعب الأوروبي الذي يمثل يمين الوسط (172 مقعداً)، والاشتراكيين والديمقراطيين (139 مقعداً)، ولكن قبل مجموعة التجديد الوسطية (85 مقعداً)، ويضم أعضاء البرلمان الأوروبي من حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقد لا يكون ذلك كافياً لإزعاج الائتلاف الحالي، المكون من حزب الشعب الأوروبي، والاشتراكيين، وحزب التجديد، ولكنه قد يمنحهم ما يكفي من السلطة لمنع إقرار التشريعات.

وتعهد عضو البرلمان الأوروبي وزعيم التجمع الوطني، جوردان بارديلا، الذي يتصدر قائمة حزبه للانتخابات، في يناير، بأن يصبح «أقلية معيقة» في البرلمان، في حين قالت لوبان للصحافيين، بعد أيام من ذلك، إن حزبها سيسعى للحصول على «أغلبية مخصصة» من خلال تحالفات مع أطراف أخرى لعرقلة ملفات تشريعية محددة.

وأوضح أحد أقرب مستشاري لوبان، قائلاً «نحن لا نهتم بالمجموعات (في البرلمان الأوروبي). الأمر إداري بحت، وما يهم هو الأصوات».

صفقة خضراء

يتطلع الاستراتيجيون في الحزب اليميني بشكل خاص إلى إقامة تحالفات مع حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليميني. وتضم المجموعة الأخيرة أعضاء في البرلمان الأوروبي من حزب «إخوة إيطاليا»، الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في حين يفكر حزب «فيدس»، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، في الانضمام إلى المجموعة التي يقودها حزب لوبان.

وفي غضون ذلك، يفكر التجمع الوطني أيضاً في توحيد الجهود مع حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط، والذي تتوافق معارضته الأخيرة لبعض سياسات الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي مع مواقف التجمع الوطني. وكان مثل هذا التحالف غير وارد حتى الآن، بسبب ما يسمى «الطوق الصحي»، وهي قاعدة غير مكتوبة، تمنع الأحزاب الرئيسة من عقد تحالفات مع أحزاب من أقصى اليمين أو أقصى اليسار.

وقالت عضو البرلمان الأوروبي عن حزب التجديد، ماري بيير فيدرين، إن ما كان في السابق خطاً أحمر واضحاً «يتغير الآن أكثر فأكثر».

وفي نوفمبر، رفض البرلمان مشروع قانون لخفض استخدام المبيدات الحشرية، والذي شكل ركيزة أساسية للصفقة الخضراء، بعد أن صوت كل من يمين الوسط واليمين المتطرف ضده. وبالتالي، يأمل التجمع الوطني حشد تأييد رئيس حزب الشعب الأوروبي، مانفريد ويبر، في محاربة ما يطلق عليه «البيئة العقابية».

وقالت فيدرين، إن «الألمان يحبون سياراتهم الكبيرة»، في إشارة إلى حقيقة أن أعضاء البرلمان الأوروبي الألمان يهيمنون على مجموعة حزب الشعب الأوروبي. وقالت إن الموضوعات الأخرى التي يمكن للحزب اليميني المتطرف الفرنسي أن يجد فيها أرضية مشتركة مع حزب الشعب الأوروبي، تشمل التوسع المخطط للاتحاد الأوروبي، وتوسيع صلاحيات الاتحاد الأوروبي، وسياسة الهجرة الحالية.

تحالفات مُخصصة

هناك سبب آخر وراء سعي حزب التجمع الوطني إلى تشكيل تحالفات مخصصة بدلاً من تشكيل «مجموعة كبرى» مع حزب المحافظين، والأمر يتعلق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويشكل قرب الحزب الفرنسي اليميني من الرئيس الروسي نقطة خلاف طويلة الأمد مع المجلس الأوروبي الذي تقوده بولندا، والذي يعادي روسيا، ويفضل إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة.

وفي إيطاليا، يعارض ماتيو سالفيني فرض عقوبات على روسيا، وينتمي سالفيني إلى حزب الرابطة اليميني المتطرف. ومن شأن استراتيجية البحث عن تحالفات مخصصة أن تسمح أيضاً لحزب التجمع الوطني الفرنسي، الذي أسسه جان ماري لوبان، بالحفاظ على بعض العلاقات مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، الذي سعت مارين لوبان أخيراً إلى إبعاد نفسها عنه. وحتى لو ترك حزب البديل من أجل ألمانيا تحالف الهوية، فلايزال بإمكانه توحيد قواه مع حزب التجمع الوطني بشأن أجزاء محددة من التشريعات.

وبالتوازي مع ذلك، يقوم حزب التجمع الوطني بتعديل برنامجه للانتخابات الأوروبية، في يونيو، حسبما قال العديد من كبار مسؤولي الحزب. وفي الوقت الحالي، كان الموضوع الوحيد الذي تم الكشف عنه علناً هو فكرة الحزب التاريخية عن «أوروبا الأمم»، حيث يقتصر الاتحاد الأوروبي على التعاون المتقطع بين بعض الدول الأعضاء.

ومن المقرر أن يكشف بارديلا عن بقية البرنامج خلال أول تجمع انتخابي له في مرسيليا بجنوب فرنسا في الثالث من مارس.

• قرب الحزب الفرنسي اليميني من الرئيس الروسي نقطة خلاف طويلة الأمد مع المجلس الأوروبي.

• يفكر التجمع الوطني أيضاً في توحيد الجهود مع حزب الشعب الأوروبي.


أزمات متتالية

في فرنسا يتوقع أن يتصدر حزب التجمع الوطني النتائج الأوروبية بنحو 25%، ليصبح أول حزب في البلاد، إذا لم تتقدم أحزاب الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد ضمن قائمة واحدة في الانتخابات، وبذلك فإنه سيتقدم على الأغلبية الرئاسية من مجموعات برلمانية داعمة حالياً لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، والتي يتوقع أن تكون لها حصة تقل عن 20%.

لم يكن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا بالأمر المستجد خلال العامين الماضيين، بل تنامى نفوذ هذه الأحزاب على مدار العقد الماضي بشكل تدريجي، نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية المتتالية التي واجهت أوروبا، واستغلال التيار اليميني لهذه الأزمات للتمدد داخل المؤسسات الحكومية والمجتمع الأوروبي. وبالنظر إلى خريطة أوروبا، هناك تمثيل غير مسبوق للأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب القومية الشعبوية داخل البرلمان والحكومات، الأمر الذي يزيد المخاوف من تداعيات هذا التحول السياسي على مستقبل سياسات أوروبا الفترة المقبلة، خصوصاً أن الأحزاب اليمينية تسعى إلى السلطة منذ عقود.

يعد سقوط أحزاب يسارية في دول مثل إسبانيا، التي تعد آخر معاقل اليسار في أوروبا، وتراجع شعبية بعض الأحزاب اليسارية والليبرالية، في دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد، ترجيحاً للكفة لمصلحة التيار اليميني في الانتخابات، خصوصاً أن الأحزاب اليمينية تمتلك مقاربات متشابهة بشأن الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية على مستوى أوروبا، الذي ينعكس بالطبع على عمل الاتحاد الأوروبي.

في الواقع، تبدو الظروف الراهنة التي تواجه أوروبا مواتية للغاية لصعود اليمين المتطرف بشكل متسارع، كما حدث في انتخابات هولندا في نوفمبر 2023، وكما يُتوقع في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو 2024.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى