اخبار الامارات

«دول جنوب العالم» أصبحت لاعباً مهيمناً على المسرح الدولي

باتت دول جنوب العالم لاعباً مهيمناً بصورة متزايدة على المسرح العالمي، وعلى الرغم من أن مصطلح «جنوب العالم» يبدو غامضاً، ويطالب البعض بإلغائه، إلا أنه يستخدم هنا كي يشير إلى الدول النامية الكبيرة والثرية، التي باتت تتمتع بقوة لا يستهان بها في العالم.

وأسهمت المطالب التي قدمتها دول جنوب العالم في إيجاد تحولات سياسية واقتصادية سيحتاج الغرب إلى التكيف معها.

وأصبحت هذه الدول أكثر قوة ونفوذاً نتيجة نموها الاقتصادي، وبالنسبة لإجمالي الدخل العام، ومن حيث القوة الشرائية، أصبحت الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم، في حين أن إندونيسيا أصبحت هي السابعة، والبرازيل الثامنة.

وفي الوقت ذاته، انخفض إجمالي الدخل العام لمجموعة الدول السبع الثرية من 65% إلى 44% خلال الـ50 سنة الأخيرة، نظراً إلى صعود الصين المذهل من ناحية، ومن ناحية أخرى صعود دول جنوب العالم.

عدم الانحياز

وتستخدم دول الجنوب قوتها عن طريق المحاولة في ممارسة دورها في الشؤون الاقتصادية والسياسية العالمية، وكان أحد تجليات ذلك في ظهور «عدم الانحياز النشط»، إزاء الولايات المتحدة والصين.

وهذه ليست حركة عدم الانحياز التي كانت موجودة في القرن الـ20، وإنما أخرى تغير التحالفات وفقاً للقضايا المطروحة، وأحدث مثال على ذلك الحرب الأوكرانية.

وعلى الرغم من أن معظم الدول النامية ترفض هذه الحرب والأسباب التي أدت إليها، إلا أنها غير مستعدة للمشاركة في العقوبات، على الرغم من أن الغرب حثّ هذه الدول على القيام بذلك، وبذل الكثير من الإغراءات والضغوط من أجل ذلك، ولكن دون جدوى إذ لم تتزحزح دول الجنوب عن موقفها الرافض، وثمة مثال آخر يتجلّى في توازن العلاقات الاقتصادية لدول جنوب شرق آسيا الوثيقة مع الصين، ضد العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة.

مصالح غير متجانسة

ومع ذلك ثمة عقبات أمام اضطلاع دول الجنوب العالمي بدور سياسي دولي أكبر بكثير، إذ أن مصالح كل دولة على حدة غير متجانسة إلى حد كبير مع الدول الأخرى، وتختلف حسب الموقع الجغرافي والحجم والثروات والموارد الطبيعية ومستوى التنمية.

وعلى سبيل المثال، فالدول المجاورة للصين في جنوب شرق آسيا في وضع مختلف تماماً عن دول أميركا اللاتينية التي تدور في فلك نفوذ الولايات المتحدة، وبصورة مماثلة فإن دولة عملاقة مثل الهند على الأرجح لن تشارك وجهة النظر العالمية تماماً مثل الدول الصغيرة كتشيلي، وبالطبع فإن الدول المصدرة للمواد الخام تختلف مصالحها عن الدول المصدرة للبضائع المصنعة.

وثمة افتقار للقيادة ضمن دول جنوب العالم، وعلى الرغم من أننا ربما نفترض أن دول «بريكس» وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وست دول أخرى تمت إضافتها إلى المجموعة، ستُشكل نواة القيادة، ولكن ذلك سيواجه الكثير من التعقيدات.

وإذا اختارت دول جنوب العالم تحديد موقعها بين الولايات المتحدة والصين وتجذب الموارد من الجهتين، فإنها ستواجه العقبات، وحتى تظهر قيادة «محلية» لن تستطيع دول الجنوب الانخراط بفعالية في سياسة عدم انحياز فعالة يمكن أن يكون لها تأثير على مجريات الأحداث على المسرح العالمي.

ويمكن فهم دول الجنوب القوية على نحو كبير عن طريق النظر إلى المطالب التي تأتي من المنظمات المرتبطة بدول الجنوب، بما فيها دول «بريكس»، ومجموعة دول 77.

تقاسم الموارد الدولية

وفي الوقت الحالي، تطالب دول الجنوب بدور أكبر في المؤسسات الدولية الموجودة، خصوصاً في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومجلس الأمن الدولي، إضافة إلى مساواة أكبر في تقاسم الموارد الدولية، بحيث يصبح هناك رأي مؤثر لهذه الدول في الأحداث التي تجري في العالم، وباتت القضية الماثلة على الأجندة الدولية في الوقت الراهن هي المطالبة بإنشاء صندوق تمويل «الأضرار والخسائر» كجزء من المفاوضات حول المناخ.

وبصورة عامة، فإن اضطلاع دول الجنوب بدور دولي أكبر سيجعل على الأرجح اتخاذ القرارات أكثر صعوبة، كما نرى الآن في منظمة التجارة العالمية والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن وجهة نظر الاستقرار على المدى البعيد، يجب على الغرب أن يدعم المطالب الحالية لمنح دول الجنوب حصة في النظام العالمي الحالي.

ويجب على الغرب أن يدعم قيام دول الجنوب بدور أكبر في المؤسسات المالية الدولية والأمم المتحدة، وكانت الخطوة الأولى في ذلك الاتجاه هي إنشاء مجموعة دول الـ20، ولكن هناك حاجة إلى المشاركة الدائمة، وسيكون مقابل زيادة المشاركة هو الاتفاق على جدول أعمال للعقد القادم وقواعد عمل المنظمات الدولية.

ويجب على الغرب أن يبادر بخطوات تفضي إلى خطط حول تقاسم الموارد، ويعد إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار»، إن لم يتأخر تمويله، خطوة من هذا القبيل، وتتضمن الخطوات الأخرى التي تمت المطالبة بها جولات إضافية من حقوق سحب الأموال الخاصة، والمزيد من الدعم المالي اللازم من أجل إنجاز أهداف التنمية المستدامة، التي تحتاج إليها دول الجنوب كي تكون قادرة على إنجاز مشاريعها المستقبلية الهادفة إلى تعزيز اقتصادها.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوات ستقدم الكثير من الدعم نحو تحقيق الاستقرار العالمي، فمن المؤكد أن العالم الغربي له مصلحة في دعم دول جنوب العالم، وذلك في مسعى منه لدعم الديمقراطية في العالم، ولهذا فإن الغرب يجب أن يتخذ خطوات مهمة لدعم دول جنوب العالم لحماية مصالحه السياسية والاقتصادية، ويجعل العالم في حالة من الاستقرار وانعدام التوتر والحروب الفتاكة التي تدمر الاقتصاد والتنمية خصوصاً في الدول الفقيرة.

• ثمة افتقار للقيادة ضمن دول جنوب العالم، وعلى الرغم من أننا ربما نفترض أن دول «بريكس» وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وست دول أخرى تمت إضافتها إلى المجموعة، ستُشكل نواة القيادة، ولكن ذلك سيواجه الكثير من التعقيدات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى