اخبار الامارات

تضاعف أعداد المهاجرين اللاتينيين الوافدين إلى الحدود الأميركية

تسعى الحكومة الأميركية إلى تشديد قواعد الهجرة في السنوات الأخيرة، وسط تزايد أعداد اللاجئين الوافدين إلى الحدود الجنوبية، وطلبت من المكسيك ودول أميركا الوسطى، التعاون معها في ما وصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن بسياسات «الردع»، المصممة لجعل العبور إلى أميركا أكثر صعوبة.

ولكن يبدو أن هذه السياسات، جعلت المهاجرين أكثر تصميماً على الوصول إلى الولايات المتحدة، والمخاطرة بحياتهم، حيث وصل عدد الأشخاص الذين يعبرون «فجوة دارين» في عام 2023 إلى أكثر من الضعف في العام السابق، وفقاً لمسؤولين في بنما.

وتتطلب الرحلة من المهاجرين ليس مواجهة مخاطر الجماعات الإجرامية وحسب والتي في الأغلب تهدد حياتهم، فهناك المخاطر الطبيعية التي تتمثل في الغابات التي لا يمكن اختراقها إلا بصعوبة، وهي مكلفة أيضاً من حيث طول الطريق. والعديد من أولئك الذين يبحثون عن حياة أفضل، يجدون أنهم باتوا محاصرين على الجانب الكولومبي من الحدود، وليس بإمكانهم تجاوزها إلا بعد رفع السعر الذي يطلبه المهربون.

وهناك مئات الأشخاص الذين ينتظرون العبور خلال عشية عيد الميلاد في نيكوكلي، وهي بلدة ساحلية على الساحل الشمالي لكولومبيا، معظمهم من الفنزويليين والصينيين والبيروفيين والكولومبيين.

منفذ سيئ السمعة

ويجد فرانتز لوغوت، مهاجر من هايتي والذي عاش طوال السنوات الأربع الماضية في جنوب البرازيل، نفسه الآن واحداً من نصف مليون شخص يحاولون المرور عبر فجوة دارين سيئة السمعة، وهي بوابة تمر عبر الغابة إلى أميركا الشمالية، وإلى ما يأمل المهاجرون أنها حياة جديدة. وبعد أن سافر عبر بوليفيا وبيرو والإكوادور، وصل أخيراً إلى مدينة نيكوكلي الساحلية، عند مصب دارين، الغابة المطيرة الخارجة عن القانون والتي تفصل بين أميركا الجنوبية والوسطى، وتعد أخطر طريق للهجرة البرية في العالم.

إن شريط الأرض الذي يبلغ طوله 65 ميلاً والذي يمتد عبر الحدود بين كولومبيا وبنما هو المنطقة الوحيدة في الأميركيتين غير المتصلة بالطريق السريع والذي يمتد من أميركا الشمالية إلى الجنوب.

ويقول لوغوت لصحيفة «التايمز» بالقرب من نزل على شاطئ البحر في نيكوكلي حيث يتقاسم غرفة مع أربعة أشخاص من هايتي: «تم إيقافنا من قبل ستة مسلحين في بيرو، وأجبرونا على النزول من الحافلة التي كنا نستقلها وسرقوا منا كل شيء».

واضطر لوغوت، الذي يتحدث اللغة البرتغالية والكريولية الهايتية – الفرنسية، إلى الاعتماد على الأموال التي أرسلها إليه أفراد عائلته في الولايات المتحدة، لمواصلة رحلته، ولكنه اضطر إلى العمل في وظائف غريبة في كولومبيا لمدة شهر تقريباً، لدفع الكُلفة التي يطلبها «الذئاب»، كما يُطلق على المرشدين الذين يجلبون المهاجرين عبر معبر الغابة.

ويضيف: «لكن كرم المهاجرين الآخرين كان مذهلاً». فقد حصل على هاتف من أحد مواطني نيكوكلي، والذي قدم له مساعدة من أصحاب المتاجر في البلدة الواقعة على شاطئ البحر، لشراء مواد غذائية بسيطة. ويأمل أن يكسب ما يكفي لمواصلة رحلته إلى الشمال في الأسابيع المقبلة. إن كُلفة المرور عبر فجوة دارين، بما في ذلك الرحلة بالقارب من نيكوكلي إلى بداية طريق الغابة، وكُلفة «الذئاب» على جانبي الحدود، و«ضريبة» الجماعات الإجرامية المنظمة التي تسيطر على الجانب الكولومبي، تصل إلى نحو 300 جنيه إسترليني، وفقاً لعدد من المهاجرين الذين تحدثوا إلى «التايمز».

استغلال النساء

ويقول ألبرتو غوميز بيل، وهو قس في كنيسة إنجيلية بالمنطقة، توفر الإفطار والعشاء للاجئين المقيمين في خيام على شواطئ البلدة التي كانت تشتهر في السابق بالسياحة أكثر من الهجرة، إن «الضرورة الأكبر التي تواجه المهاجرين هنا، هي المشكلة الاقتصادية. والنتيجة هي أن العديد من المهاجرين ينتهي بهم الأمر إلى الإقامة هنا إلى يتمكنوا من تأمين المرور». ويضيف القس أن بعض النساء يلجأن أو يُجبرن على العمل بالجنس، لجمع المال.

ويتعرض المهاجرون في فجوة دارين لعدد لا يحصى من المخاطر الطبيعية مثل: معابر الأنهار الخطرة، وتضاريس الغابات الكثيفة الموحلة، وتسلق الجبال الموحشة، حيث يمكن أن تصبح الإصابات الطفيفة البعيدة عن الرعاية الطبية قاتلة. ويقع البعض أيضاً ضحية لمزيد من التهديدات البشرية.

وتحتفظ منظمة «أطباء بلا حدود» بمركز علاجي على الجانب البنمي من الحدود. وإضافة إلى السرقة والقتل، تشير التقارير أيضاً إلى أن عمليات الاختطاف والعنف الجنسي ضد النساء، أمر شائع. وقد تم علاج ما يقرب من 400 ضحية للعنف الجنسي بين يناير ونوفمبر من هذا العام، لكن المنظمة تعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، حيث لا يتم الإبلاغ عن حالات عدة.

ويقول لويس مارتينيز، وهو فنزويلي يحاول منذ شهرين جمع الأموال في نيكوكلي من خلال بيع السجائر والحلويات في الشارع، إنه لا يشعر بالقلق بشأن مخاطر المرور عبر الفجوة. ويضيف بينما كان يلعب مع ابنتيه عشية عيد الميلاد بالقرب من شاطئ المحيط الأطلسي: «نحن محظوظون، لقد جمعنا ما يكفي تقريباً للعبور، ونأمل أن نغادر الأسبوع المقبل» فقد كان يعمل منذ ما يقرب من شهرين، لتوفير المال من أجل مرور عائلته. ويقول: «إن السعي إلى مستقبل أفضل لبناتي، أمر يستحق المخاطرة، وبما أننا معاً، فنحن سعداء بكل الطرق».

أخطر طرق للهجرة في العالم

وثقت المنظمة الدولية للهجرة 686 حالة وفاة واختفاء للمهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في عام 2022، ما يجعله الطريق البري الأكثر دموية للمهاجرين في جميع أنحاء العالم على الإطلاق. ويمثل هذا الرقم ما يقرب من نصف حالات وفاة واختفاء المهاجرين البالغ عددها 1457 حالة، والتي تم تسجيلها في جميع أنحاء الأميركيتين في عام 2022، وهو العام الأكثر دموية على الإطلاق منذ بدء مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة في عام 2014.

وتؤكد البيانات السنوية لبرنامج المنظمة الدولية للهجرة، تزايد عدد القتلى والمخاطر المتزايدة التي يواجهها المهاجرون في جميع أنحاء المنطقة. وتمثل هذه الأرقام أدنى التقديرات المتاحة، حيث من المرجح ألا يتم تسجيل المزيد من الوفيات، بسبب نقص البيانات من المصادر الرسمية.

وتقول المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للهجرة لأميركا الوسطى والشمالية ومنطقة البحر الكاريبي، ميشيل كلاين سولومون: «إن هذه الأرقام المثيرة للقلق هي تذكير صارخ بالحاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل الدول» وتضيف: «إن تعزيز جمع البيانات أمر بالغ الأهمية، وفي نهاية المطاف، ما نحتاج إليه هو أن تعمل البلدان على جمع البيانات، لضمان الوصول إلى طرق هجرة آمنة ومنتظمة».

وعلى الرغم من تأكيد البيانات، فإن الوفيات وحالات الاختفاء على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، انخفضت بنسبة ستة في المئة عن العام السابق، يبدو أن عام 2023 أعلى مما تشير إليه المعلومات المتاحة، بسبب عدم وجود بيانات رسمية، بما في ذلك المعلومات الواردة من مكاتب الطب الشرعي في مقاطعة تكساس الحدودية.

وكان ما يقرب من نصف حالات الوفيات (307) على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك مرتبطة بالعبور الخطر لصحراء سونوران وصحراء تشيهواهوان، وهو عدد أكبر بكثير من المناطق الصحراوية الأخرى.

• تتطلب الرحلة من المهاجرين ليس مواجهة مخاطر الجماعات الإجرامية وحسب والتي في الأغلب تهدد حياتهم، فهناك المخاطر الطبيعية التي تتمثل في الغابات التي لا يمكن اختراقها إلا بصعوبة، وهي مكلفة أيضاً من حيث طول الطريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى