اخبار الامارات

العاصفة «دانيال» جلبت فيضانات مدمرة في اليونان قبل أن تضرب ليبيا بقوة

جلبت العاصفة «دانيال»، قبل وصولها إلى ليبيا، فيضانات مدمرة في وسط اليونان، وعندما تحركت جنوباً، اشتدت قوتها وتحولت إلى نظام ضغط منخفض يشبه النظام الاستوائي، قبل أن تصل إلى اليابسة في بنغازي بعد ظهر يوم الأحد (بالتوقيت المحلي). ويُعرف هذا النوع من الأنظمة بشكل غير رسمي باسم «إعصار البحر المتوسط». ويتشكل عندما تغذي مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة هذه العاصفة.

غالباً ما يكتسب هذا النوع من الظواهر الطبيعية سمات مشابهة للإعصار، حيث تدور السحب حول هيكل يشبه العين المركزية.

وكانت العاصفة المطيرة قوية بما يكفي لإحداث فيضانات دمرت السدود وجرفت أحياء بأكملها في مدن ساحلية متعددة بليبيا. ووصف الخبراء هذا الحدث بأنه «قوي من حيث كمية المياه المتساقطة في غضون 24 ساعة»، ما أدى ذلك إلى ارتفاع منسوب مياه الفيضانات إلى ثلاثة أمتار في بعض المناطق. حيث لقي نحو 2000 شخص حتفهم ويعتقد أن 10 آلاف آخرين في عداد المفقودين بعد أن تسببت العاصفة «دانيال» في هطول أمطار غزيرة على شمال شرق ليبيا أدت إلى انهيار سدين، ما أدى بالتالي إلى تدفق المياه إلى المناطق المغمورة بالفعل. ويعتقد أن أحياء بأكملها قد جرفت في المدينة، وفقاً للسلطات. ولاتزال هناك عائلات عالقة داخل منازلها وهناك ضحايا تحت الأنقاض، ومن المتوقع أن تكون المياه جرفتهم إلى البحر.

ربما لا تحدث أعاصير كبرى في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولكن قد تحدث بعض العواصف مرة أو مرتين في السنة. يصل بعضها إلى شدة عاصفة استوائية قوية، لكن قوة إعصار البحر المتوسط نادرة. ويمكن أن تحدث ظاهرة إعصار البحر المتوسط في أي وقت من السنة ولكنها تحدث بشكل عام في شهري سبتمبر وأكتوبر. إذ ضرب إعصار قوي غرب اليونان في سبتمبر 2020.

عواصف عنيفة

ويعتبر البحر الأبيض المتوسط بحراً صغيراً ومغلقاً، وتهب عليه عواصف عنيفة، ولا يوجد لأمواجه مجال للانتشار، وأثناء العاصفة يكون طول الأمواج أقصر، والمنحدر أكثر حدة، فبدلاً من صعود موجة واحدة والنزول على الجانب الآخر، يمكن للسفن القصيرة أن تجد نفسها تتسلق بزاوية خطرة جداً ويمكن أن تتراجع وتتدحرج جانباً. لا تواجه السفن الطويلة (مثل الناقلات) هذه المشكلة، ولكنها يمكن أن تجد نفسها على قمم موجتين. ويمكن أن تكسر السفينة وقد حدث ذلك بالفعل.

ويمكن أن تكون الرياح خطرة للغاية. وتتحقق الظروف المواتية لدوران الإعصار عندما تجتمع مياه البحر الساخنة (أكثر 27 درجة مئوية) مع خطوط العرض ومناطق الضغط المنخفض. ويعتبر البحر الأبيض المتوسط من الناحية النظرية أكثر برودة بكثير من المحيط الأطلسي الاستوائي. الاستثناء الوحيد هو خليج سرت – قبالة الساحل الليبي – حيث تتجمع في الخريف مجموعة كبيرة وعميقة من المياه الدافئة جداً في دوامة.

وفي نهاية المطاف، وفي ظل الظروف المناسبة، يؤدي هذا المسطح الكبير من المياه الدافئة إلى انخفاض حاد في الضغط الجوي. ونظراً لأن قوة «كوريوليس» وهي أحد العناصر الرئيسة في تكوين التدوير، فإن خط العرض البالغ 34 درجة مناسب لتوليد دوران مستمر وخطير.

واعتماداً على خوارزميات البحث المستخدمة، توصلت المسوحات المختلفة طويلة المدى لعصر الأقمار الاصطناعية وبيانات عصر ما قبل الأقمار الاصطناعية إلى 67 إعصاراً شبيهاً بالعواصف الاستوائية الشديدة أو أعلى بين عامي 1947 و2014 ونحو 100 عاصفة شبيهة بالعواصف المسجلة بين عامي 1947 و2011. ومن المعروف أن إعصار البحر المتوسط يحدث كل ثلاث أو أربع سنوات ولكنه يبدو أنه أصبح الآن أكثر تواتراً.

تشكيل الإعصار

وحتى يتكون الإعصار يجب أن تتوافر رطوبة نسبية كافية، ودرجة حرارة الماء السطحي نحو 26.5 درجة مئوية، ولا توجد رياح قوية سائدة، ويجب أن تزيد درجة حرارة المكان عن 5/10 درجة شمالاً/جنوباً. ويكون المكان بعيداً بدرجة كافية عن خط الاستواء لاكتساب قوة «كوريوليس» لتدوير العاصفة. إذن هناك ثلاثة عوامل مهمة: الحرارة، الرطوبة، وقوة كوريوليس.

تكوين الإعصار

ولأن الوضع يحتاج إلى كمية كبيرة من الماء كقوة دفع لتكوين الإعصار. الأرض لا تحتوي على هذه الكمية من الماء. إذا اقترب الإعصار من الأرض، فإن الإعصار سيصبح أضعف بسبب نفاد وقوده ثم يموت. دائماً ما يتشكل الإعصار فوق المحيط الكبير. ولا يتشكل في البحيرات أو البحر. لأن كل منهما يجب أن يكون لديه أرض حوله.

والأعاصير المدارية هي أنظمة شديدة الضغط المنخفض تجذب الرياح من المناطق المحيطة نحو مراكزها. وهي تتشكل فوق المسطحات المائية، ولذلك فإن الرياح التي تهب نحوها تحمل الرطوبة وتسبب هطول الأمطار. كما أنها تحدث في البحار المغلقة جزئياً. تنتمي أعاصير خليج البنغال والأعاصير التي تضرب جنوب وشرق الصين والأعاصير التي تضرب جنوب الولايات المتحدة والمكسيك من خليج المكسيك إلى هذه الفئة. ويقع البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ضمن نطاق حزام الضغط العالي شبه الاستوائي، والذي يُسمى أيضاً خطوط العرض الحصانية. لذلك لا يوجد مجال لتشكل أنظمة الضغط المنخفض الشديدة كأعاصير مدارية. ومع ذلك، لديها أنظمة ضغط منخفض معتدلة ضحلة تسمى الاضطرابات الغربية التي تتشكل في الشتاء نتيجة لتحول حزام الضغط المرتفع شبه المداري جنوباً من موقعه المتوسط. وعندما تهب الرياح الغربية على شكل رياح سطحية باتجاه 40 درجة شمالاً وتتدفق التيارات النفاثة في الغلاف الجوي العلوي، فإنها تحمل معها هذه الدورانات الإعصارية باتجاه الشرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى