اخبار الامارات

محلل أميركي:التايوانيون لا يثقون بأن الولايات المتحدة ستدافع عنهم

تثير القدرات العسكرية الصينية المتزايدة في السنوات الأخيرة، التي تقترن بتدريبات عسكرية متكررة بالقرب من تايوان، المخاوف بشأن حدوث غزو عسكري للجزيرة. وأصبحت الأفعال الاستفزازية، التي كانت نادرة في السابق، مثل دخول الصين منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية، أكثر تكراراً الآن، والهدف من ذلك، جزئياً، هو إرغام المسؤولين التايوانيين على اتخاذ سياسات في مصلحة بكين.

وربما لايزال من غير المرجح اندلاع حرب في المنطقة، حيث توقع أقل من ربع خبراء العلاقات الدولية، الذين تم استطلاع رأيهم في وقت سابق من العام الجاري، اندلاع حرب عبر مضيق تايوان خلال هذه الفترة.

وحقيقة بقاء الولايات المتحدة كشريك دفاعي رئيس لتايوان من المرجح أن تضعف الثقة الصينية بمثل هذا الغزو، حيث ذكر وزير الدفاع الصيني، لي شانغفو، أن الحرب مع الولايات المتحدة ستكون «كارثة لا يمكن تحملها» بالنسبة للعالم.

وتساءل المحلل الأميركي، تيموثي ريتش، أستاذ العلوم السياسية ومدير مختبر الرأي العام الدولي في جامعة «ويسترن كنتاكي» الذي تركز أبحاثه على الرأي العام وسياسة الانتخابات، مع التركيز على تايوان وكوريا الجنوبية، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، عما إذا كان الشعب التايواني يثق بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن تايوان؟ فمن ناحية، ربما يرفض الشعب الذي لديه ثقة مفرطة بزيادة الإنفاق الدفاعي أو الإصلاحات العسكرية اعتقاداً منهم أن واشنطن ستغطي هذه الأمور. في الوقت نفسه، قد يشعر من ليس لديهم ثقة بأن خياراتهم تقتصر على زيادة الإنفاق الدفاعي، وفي هذا الخيار لا يمكنهم أن يتوقعوا مجاراة الإنفاق العسكري للصين، أو أن يجدوا وسيلة لاسترضائها.

ورأى ريتش أنه من المفترض أن هناك العديد من العوامل التي تقود إلى أن يكون الشعب التايواني واثقاً بدفاع أميركا عن تايوان، نظراً لأن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في دعم القدرات الدفاعية لتايوان، حتى بعد إلغاء معاهدة الدفاع المشترك في عام 1979، حيث وفر قانون علاقات تايوان الإطار لاستمرار مبيعات الأسلحة والتدريب العسكري.

كما تظل تايوان مهمة استراتيجياً كحاجز أمام التوسع البحري الصيني في ممرات بحرية مهمة. كما أن الدفاع عن تايوان يخدم كرادع ضد أي عدوان صيني جديد في مكان آخر.

إجماع واسع

إضافة إلى ذلك، فإنه ليس فقط تعهد كل رئيس أميركي بدعم تايوان منذ فرض قانون علاقات تايوان، وأن هناك إجماعاً واسعاً من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فضلاً عن أن الشعب الأميركي يبدو متعاطفاً بشكل متزايد مع جهود تعزيز قدرات تايوان الدفاعية.

وعلى الجانب الآخر، يرى ريتش أن هناك أسباباً متعددة تدفع التايوانيين إلى أن يكونوا أقل تفاؤلاً، حيث تلتزم الولايات المتحدة بسياسة متعمدة هي «الغموض الاستراتيجي» في ما يتعلق بالتزاماتها إزاء تايوان، وكان ذلك جزئياً لردع قيام أي جانب من جانبي المضيق بأي تصرفات تغيّر الوضع الراهن. وعلى الرغم من الاعتقاد بأن الرئيس جو بايدن، ربما يكون قد ألمح إلى تغيّر في السياسة، وبالتزام أكثر صرامة بالدفاع عن تايوان، أوضح مسؤولون بالبيت الأبيض عدم وجود نية لذلك. كما أن الانتقادات التي وجهت لسياسة «الغموض الاستراتيجي»، والتلميحات بأن هذه السياسة «أخذت مسارها ووصلت إلى نهايتها»، وفشلت في كبح جماح الصين، لم تؤد إلى العدول عنها.

وبالمثل، وحتى إذا كانت إدارة بايدن وأعضاء الكونغرس صادقين في تصريحاتهم بشأن الدفاع عن تايوان، فإن التكاليف المحتملة لصراع عسكري مع الصين ستكون كبيرة، خصوصاً بعد عقود من استثمار بكين في التحديث العسكري، وهو ما يجعل التدخل بالنيابة عن تايوان، إلى ما هو أبعد من مبيعات الأسلحة، أمراً أكثر صعوبة بدرجة كبيرة.

كما تشير عمليات المحاكاة إلى صعوبة قيام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان. وكشفت عمليات المحاكاة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الولايات المتحدة قادرة على الدفاع عن تايوان، لكنها ستتكبد خسائر بشرية تصل إلى عشرات الآلاف من الجنود، فضلاً عن خسائر في المعدات، وهو ما يثير أسئلة عما إذا كانت واشنطن، والشعب الأميركي بشكل أوسع، لديهما استعداد لمثل هذا الالتزام. وبينما تشير الولايات المتحدة بشكل متكرر إلى التزاماتها إزاء تايوان، ليس من الواضح موقع هذه الالتزامات ضمن الأولويات الأوسع للسياسة الخارجية الأميركية.

مخاوف

وقال ريتش إنه «لكي يتعرف إلى مخاوف الشعب التايواني، قام باستطلاع أراء 1105 من التايوانيين عبر الإنترنت (بتنفيذ وكالة ماكروميل إمبراين المتخصصة فى إجراء استطلاعات الرأي)، خلال الفترة من 25 مايو وحتى الخامس من يونيو، باستخدام عينات حسب العمر والجنس والمنطقة»، وتابع: «سألت المشاركين: ما مدى ثقتك بأن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا بدأت الصين حرباً ضد تايوان؟».

وأوضح ريتش أن الاستطلاع أظهر أنه بشكل إجمالي قال 35.47% من المشاركين فيه، إنهم واثقون إلى حد ما، أو للغاية، بالتزامات الولايات المتحدة الدفاعية. إلا أن الثقة كانت مختلفة حسب الانتماء الحزبي، حيث قال 73.65% من أنصار الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، إنهم واثقون إلى حد ما، أو للغاية، مقارنة بـ15% فقط، و18.98% من أنصار حزبي المعارضة الرئيسين، وهما: حزب كومينتانغ وحزب الشعب التايواني على الترتيب.

وكشفت تحليلات إضافية أنه على الرغم من الافتراضات بعكس ذلك، فإن القلق بشأن غزو صيني محتمل لا يتوافق مع مستويات الثقة. وتشير النتائج إلى أنه على الرغم من تعزيز العلاقات غير الرسمية، بما في ذلك إبرام «الاتفاقية التجارية الأكثر شمولاً» منذ عام 1979، وتأكيد إدارة بايدن على التزاماتها، فإن الشعب التايواني لايزال متشككاً في هذا الالتزام بالدفاع عنه.

وقال ريتش في ختام تحليله إنه «بينما لاتزال الولايات المتحدة أقوى شريك أمني لتايوان، والشريك الوحيد الذي يزودها بالأسلحة، فإن الدفاع عن تايوان سيحتاج في نهاية الأمر إلى مساعدة خارجية، وكذلك استثمار واسع في الانتاج المحلي، والإصلاحات في التدريب والأفراد».

وفي العام الماضي، قررت تايوان زيادة ميزانيتها الدفاعية بنسبة 13.8% لعام 2023. إلا أن استطلاع ريتش كشف أن الشعب منقسم إزاء هذه الزيادة أيضاً. كما اختلفت الآراء بشكل حاد وفقاً للانتماء الحزبي.

■ بينما لاتزال الولايات المتحدة أقوى شريك أمني لتايوان، والشريك الوحيد الذي يزودها بالأسلحة، فإن الدفاع عن تايوان سيحتاج في نهاية الأمر إلى مساعدة خارجية، وكذلك استثمار واسع في الإنتاج المحلي، والإصلاحات في التدريب والأفراد.

■ التكاليف المحتملة لصراع عسكري مع الصين ستكون كبيرة، خصوصاً بعد عقود من استثمار بكين في التحديث العسكري، وهو ما يجع لتدخل بالنيابة عن تايوان، إلى ما هو أبعد من مبيعات الأسلحة، أمراً أكثر صعوبة بدرجة كبيرة.

■ توقع أقل من ربع خبراء العلاقات الدولية، الذين تم استطلاع رأيهم في وقت سابق من العام الجاري، اندلاع حرب عبر مضيق تايوان خلال هذه الفترة.

■35.47 %

فقط من التايوانيين يثقون إلى حد ما، أو للغاية، بالتزامات الولايات المتحدة الدفاعية تجاههم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى