اخبار الامارات

زراعة الأشجار تقلّل الكربون وتستعيد التنوّع البيئي

الطريقة الفضلى التي يتم من خلالها زراعة الكربون، بزراعة الأشجار في أراضٍ مهجورة، وبالتالي تعمل الأشجار على امتصاص الكربون من الجو خلال نموها، إذ إنها تعمل بمثابة مصرف للتخلص من الانبعاثات الضارة. وبالنسبة للمزارعين فإن مصانع تخزين الكربون هذه تؤتي ثمارها من خلال تجميع الكربون في داخلها. ويبدو الأمر بسيطاً، ولكن في السنوات الأخيرة، تعرضت هذه التقنية إلى الانتقادات الشديدة بسبب ادعاءات تقول: إن هذه الطريقة لا تجمع كميات الكربون المطلوبة، والتي تعادل كمية الانبعاثات في أستراليا.

استرجاع التنوّع البيئي

باعتباري عالمة في مجال استرجاع التنوّع على الأرض، أعتقد أنه من الجيد إجراء مزيد من التدقيق في هذه الصناعة. ولكن علينا أن نلغي عملية زراعة الكربون. وإذا تمت هذه الطريقة على نحو مناسب، يمكن أن تستعيد مزارع الكربون الأنواع المفقودة، وتساعد على معالجة أزمة التنوّع الحيوي في العالم. وبالنظر إلى فقدان الأرض مزيداً من الأنواع، تكون عملية الاستعادة على نطاق واسع ضرورية للغاية الآن.

وندرك أن المحافظة على الأنواع الموجودة حالياً واستعادة الأراضي التالفة يمكن أن يفيد 86% من الأنواع أي 1300 نوع مهددة بالانقراض في أستراليا. وفي إحدى مبادرات مزارع الكربون في جنوب غرب أستراليا، على سبيل المثال، شاهدنا طائراً نادراً كان يعتقد أنه منقرض. ويمكن أن تحقق زراعة الكربون الفائدة للجميع إذا تمت بصورة صحيحة.

وهناك طرق جيدة وأخرى سيئة للقيام بزراعة الكربون. وعلى سبيل المثال من الخطأ الادعاء بالفضل لنمو النباتات المحلية بعد سقوط الأمطار، بخلاف إعادة نمو النباتات بعد انتهاء قطعان الماشية من الرعي فيها. ومن الخطأ أيضاً ادعاء الفضل في «تجنب إزالة الغابات» وعلينا تجنب زراعة الأشجار في المناطق العشبية، التي يوجد فيها الأنواع الحيوية الخاصة بها، ولا يجوز استبدالها بالأشجار.

وتمت بعض جهود زراعة الكربون مثل زراعة أي حقل، حيث يقوم المرء بزراعة نوع نباتي سريع النمو مثل نبات المالي الأزرق. وتقول الفرضية إن الزراعات الأحادية تخزن كميات من الكربون تفوق الأنواع المختلطة. ولكننا والباحثين الآخرين اكتشفنا أن الأمر ليس كذلك، إذ إن زراعة سلسلة من الأشجار كما هي الحال في الغابة، يمكن أن تخزن كميات من الكربون أكثر من الزراعات الأحادية.

وتقوم الشجيرات بتخزين كميات أقل من الكربون، ولكنها تلعب دوراً مهماً في ترميم البيئة. وعلى سبيل المثال تستطيع أغصانها وأوراقها المتشابكة أن تشكل ملاذاً آمناً للطيور الصغيرة. وتعمل الشجيرات على تعزيز قدرة المشاريع على مواجهة القحط والحرائق حيث يكون ردها مختلفاً، ما يساعد على تعافيها.

ويمكن أن تنطوي مشاريع التنوّع الحيوي على فوائد كبيرة في مجالي تخزين الكربون والتنوّع الحيوي.

وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام تحقيق المكاسب. ويمكن أن تتضاعف مزارع الكربون، تماماً مثل مشاريع إعادة ترميم الطبيعة، إذا تجنبنا زراعة الأنواع الأحادية للأشجار، وركّزنا على ترميم التنوع الحيوي، وفي الوقت ذاته تخزين الكربون. ويوجد في أستراليا نحو 13 مليون هكتار من الأراضي المهجورة، وهذا يعني أنه يوجد مجال كبير من أجل الترميم دون الاستيلاء على الأراضي الزراعية أو تخفيض الإنتاج الزراعي.

تخزين الكربون

وكما قال منتقدو زراعة الكربون، فإن تخزين الكربون من خلال زراعة الأشجار عملية مطاطية وغير ثابتة، ولكننا يجب ألا نقيس جميع المشاريع بالمقياس ذاته.

ويعرض عدد من الشركات في أستراليا تكاملاً كبيراً في تخزين الكربون في مشاريع زراعة الأشجار المحلية المتنوعة، مثل شركتي «كربون بوزتف أستراليا» و«غريننغ أستراليا».

وعلى الأرجح فإن مشاريع ترميم الطبيعة ستصبح أكثر جاذبية للمستثمرين بالنظر إلى احتمالات النمو في رأس المال الطبيعي وفرص العمل. وبقدر ما يكون الترميم مطلوباً فإن الرعاية المستمرة مطلوبة أيضاً، مثل مراقبة الحيوانات البرية وترك النباتات المتبقية سليمة.

ولكن للأسف فإن تغير المناخ يهدد الترميم البيئي الذي يمكن أن يساعد على تخفيض آثاره. وفي المناطق الجافة في أستراليا، يسهم الجفاف في زيادة صعوبة استمرار عيش الشتلات الصغيرة، وكذلك نمو الأشجار أو الشجيرات بصورة جيدة حتى بعد أن تكبر ويشتد عودها. وعلى الرغم من أن العديد من نباتات أستراليا المحلية تتسم بالقوة على تحمل الحرائق، إلا أن مزيداً من الحرائق المتكررة تجعل من الصعوبة بمكان أن تستعيد النباتات المحروقة حياتها من جديد. وتحتاج النباتات إلى الوقت بين حريقين كي تنمو جذورها.

النمو الحيوي

عندما نتحدث عن التنوّع الحيوي، فإننا نتحدث عن الغنى بالحياة. وتتنوّع في هذه الأيام جهود زراعة الكربون في أستراليا إلى حد كبير حول كيفية حمايتها للتنوّع البيئي. ودعونا نفكر حول الاختلاف بين المشي عبر مزرعة نباتات مالي الأزرق، أو في مزرعة لقصب السكر، حيث يوجد القليل من الطيور أو الأنواع الأخرى، مقارنة بالمشي عبر منطقة غابات محلية. ويمكن أن تكون بعض مزارع الكربون متنوّعة. وستصبح جهود الترميم التي تجذب مزيداً من الأنواع شبيهة بالنظام البيئي المحلي النموذجي طبقاً للمنطقة الموجودة فيها.

وهذا لا يعني القول إن أعمال الترميم ستكون سهلة، إذ إن تحويل حقل مملوء بالأعشاب الضارة، وتم استهلاكه عبر عقود من الزراعة أمر صعب للغاية، وحتى الأنواع المحلية مثل الكنغر، وحيوان الايموس أصبحت تشكل تحدياً لأنها تأكل الشتلات الصغيرة.

ويمكن التعامل مع التجريب باعتباره جزءاً من الممارسة، كما أن الإعلان عن حالات النجاح والفشل يمكن أن يساعد على تطور الصناعة. وعلى سبيل المثال، اكتشف أحد أبحاث الترميم أن الشجيرات المحلية يمكن ترميمها إذا تم منحها الفرصة لذلك، ولكن ليست الأنواع النباتية الصغيرة.

زراعة الكربون

زراعة الكربون عمل جديد، فبينما يمكن أن تهدف بعض الجهود إلى التلاعب بالنظام، هناك العديد من الطرق التي يتم البحث عنها بصدق لاستخدام الطبيعة لتخزين الكربون، الذي قمنا نحن البشر بنشره في الجو. ومع تقدم هذا الأسلوب الجديد، سيكون هنا إخفاقات، ولكن الفشل لا يعني بالضرورة إننا نخدع الناس بهذه الفكرة.

وأستراليا مثل العديد من الدول الأخرى، وضعت العديد من أهداف الترميم الطموحة لحماية 30% من الأراضي والبحر بحلول عام 2030، وسنحتاج إلى تجريب، وابتكار والعمل جنباً إلى جنب مع السكان الأصليين لأستراليا، ونضع الخطط من أجل البقاء هناك على المدى البعيد.

ونحن نرى الآن بعض علامات تبعث على التفاؤل على أن أعمال الترميم تقدم فوائد على الأقل لبعض الأنواع البيئية، مثل النمل، وطيور الغابات، ولهذا فإن الترميم يمكن أن ينجح بالنسبة لنا وللمناخ ولأنواعنا، ولهذا دعونا نتأكد من أنه سينجح.

• يمكن أن تتضاعف جهود زراعة الكربون، مثل مشاريع إعادة ترميم الطبيعة، إذا تجنبنا زراعة الأنواع الأحادية للأشجار، وركّزنا على ترميم التنوّع الحيوي، وفي الوقت ذاته تخزين الكربون. ويوجد في أستراليا نحو 13 مليون هكتار من الأراضي المهجورة، وهذا يعني أنه يوجد مجال كبير من أجل الترميم دون الاستيلاء على الأراضي الزراعية.

• زراعة الكربون عمل جديد، فبينما يمكن أن تهدف بعض الجهود إلى التلاعب بالنظام، هناك العديد من الطرق التي يتم البحث عنها بصدق لاستخدام الطبيعة لتخزين الكربون، الذي قمنا نحن البشر بنشره في الجو. ومع تقدم هذا الأسلوب الجديد، سيكون هنا إخفاقات، ولكن الفشل لا يعني بالضرورة إننا نخدع الناس بهذه الفكرة.

راشيل ستاندش – أستاذة جامعية في أستراليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى